إضَاءَاتٌ علَى طَرِيقِ الحَيَاةِ

TimeQuran

الجمعة، سبتمبر 09، 2011

المبَادئ فوْق فوْق فوقَ الدستُوريّة !!















من العجب العجاب .. ومن الأمور المدهشات التي لا يعيها إلا أرباب السحر والشعوذة ، أو أهل البركة والخطوة ، أو الخارقون الذين يطيرون في سماء أمريكا .. أن يخترع الإنسان وثيقة للتعامل مع أخيه الإنسان ، ثم لا يرضي الثاني بكل بنودها ، فيقوم بتعديلها لتناسبه ، وما إن تقع في يد الأول حتى يرفض تعديل الثاني ، فيقوم بإضافة ما يراه حسنا قويما ، فلا يعجب الثاني ما أضافه الأول .. وهكذا يضيفان ويعدلان ويرفضان ، حتى يمر بهما ثالث وهو يراهما يتبادلان الوثيقة منذ الفجر وحتى العشاء ، فما زاد على أن قال لهم : ومتى تنتهون من هذا ؟ فقالوا : لا ندري ! فقال : إذن فلنبحث عن مرجع يرضاه كلاكما .


فقالا : نعم الرأي .. أخا العشيرة . فأخذهما إلى رابع أكبر منهما سنا ، فانتهوا إلى نفس النتيجة التي كانت بين الأول والثاني من الاعتراض والزيادة والنقصان . فأخذهما إلى خامس أكثر منهما علما ، ثم إلى سادس أكثر منهما تجربة .. وهكذا حتى انتصف نهار اليوم الثاني . فسألهم الثالث : لماذا لم تقبلا كل ما عرض عليكما ؟ فقالا له : لم نرض لأنهم لم يقفوا على حقيقة علاقتنا ، ولم يعرفوا ظروف نشأتنا ، ولم يحيطوا ببيئـتنا علما ، ولم يقفوا على حقيقة ضمائرنا ودخائل نفوسنا ، وقد أخطأوا في تقديرهم لكذا وكذا .. ، أليس من حقنا الاعتراض عليهم والاختلاف عن وجهة نظرهم ؟ فقال الثالث : بلى لكم كل الحق ، ولكن ما الحل إذن ؟!!

العجيب أن لدى قومنا الحل لهذه المعضلة !! فبالأمس وضعوا الدستور بعد أن استوردوه من الغرب ، ثم عدلوا فيه مئات المرات ، ثم لما لم يشعروا في قرارة أنفسهم باحترامه وتقديسه ، اخترعوا المبادئ فوق الدستورية ، وكأن " فيها الشفا " كما يقول أهل بلدنا . ثم لن يعجبهم ذلك ، وسيلجأون إلى فوق فوق الدستورية ، ثم فوق فوق فوق الدستورية .. وهكذا إلى أن يصعدوا إلى الهاوية
!!

وإذا كان هناك من لوم وعتاب ، فهو موجه لمن يسمون أنفسهم بالإسلاميين ، أكثر من غيرهم ؛ ذلك أنهم رضوا ابتداء بغير الكتاب والسنة مرجعا ، وإلى التحاكم إلى غيرهما مردا ، فوضعوا أنفسهم ومن يتعاطف معهم على طريق لا معالم له ، طريق ملؤه الشقاق و على جانبيه الخلاف والاختلاف ، فعقول البشر مهما حاولت من وضع مواثيق ودساتير فلن تتفق على شيء واحد . ولجوا ذاك الطريق الوعر بعد أن كانوا يتغنون بقولهم : دستورنا القرآن !! فأين هم الآن من ذلك ؟!!   


إن الاختلاف قدر كوني نافذ قال الله تعالى : " ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم " ، وقد أمر الله جل في علاه عند الاختلاف بالرجوع إلى الكتاب والسنة فقال عز من قائل : " وإن اختلفتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر " ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي . صححه الألباني .

أفيقوا يا بني جلدتنا مما أنتم منكبون عليه وآخذون بأيدينا معكم ، من دروب الظلام التي نصبها لكم أعداؤكم ، ولا منجي منها إلا الرجوع إلى الكتاب والسنة بفهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان من سلف الأمة رضي الله عنهم وأرضاهم .